الخميس، 29 مايو 2014

يوم أغلقت الإذاعات الأهلية في مصر

"معاكم صادق صديق العائلات"، "هنا القاهرة"، "هنا راديو مصر الجديدة" جمل كثيرة تعدد سامعيها ورحل قائليها، جُمل ترددت عبر آثير الإذاعات الأهلية في مصر...
ففي الفترة من عام 1925 حتى 29 مايو عام 1934 كان في مصر ما يسمى بالإذاعات الأهلية، والتي بدأت فيها بعد إنشاء أول إذاعة في العالم بخمس سنوات، وحتى عام 1931 بلغ عدد الإذاعات الأهلية في مصر 11 إذاعة أهلية موزع آثيرها على القطر المصري بأكمله، تبدأ منذ مطلع الشمس حتى بلوغ الليل.
قامت الحكومة المصرية بعدة أمور مع هذه الإذاعات منها، أنه في 10 مايو عام 1926 صدر مرسوم ملكي وحددت فيه المادة 19 بإجازة اقتناء الأجهزة اللاسلكية وشروط استخراج تراخيص الأجهزة اللاسلكية طبقًا للإتفاقيات الدولية آنذاك، خاصة بعد أحداث الحرب العالمية الأولى. ولم تكن الحكومة وحدها المترقب الوحيد لهذه الإذاعات بل إن الاحتلال البريطاني نفسه كان ضدها والدليل في 14 مايو لنفس عام صدور إتاحة امتلاك أجهزة لاسلكية، أرسل المندوب السامي كتاب بحظر إنشاء إذاعات لاسلكية وأرسله إلى "أحمد زيوار" باشا رئيس الحكومة وقتها، وذلك لأنها كانت بمثابة الخطر الذي يهدد الاحتلال؛ فقد اتخذت بعض الأحزاب السياسية هذه المحطات منبر لها. ولذلك وبدعم من الاحتلال تقدمت شركة ماركوني الانجليزية بطلب شراكة مع الحكومة المصرية لإقامة المحطة الحكومية. اجتمع وزير المواصلات في عام 1932 مع أصحاب المحطات لوقف البث، فوافق بعضهم، وأصر آخرون على البث وعدم التوقف. وحين وصلهم إنذار الحكومة بالتوقف من يوم 29 مايو 1934، أضربت الإذاعات عن البث يوم كامل.
حين علمت هذه الإذاعات بنية ما تخططه شركة ماركوني مع الحكومة المصرية نحو إنشاء الإذاعة اللاسلكية للحكومة المصرية التابعة للدولة، أنشأوا ما يسمى بدار اتحاد محطات الإذاعة الأهلية، وكان مقر الاتحاد "راديو سابا" وكانوا يذيعون ليل نهار من باب استعطاف المستمعين لردع الحكومة عن إقامة محطتها، لكن لم يجدي استعطافهم نفعًا. وأقاموا دعوى قضائية ضد وزارة المواصلات بإقامة محطتان في القاهرة والإسكندرية بجانب المحطة الحكومية، لكن المحكمة الابتدائية لم تنصفهم وخضعوا في النهاية لقرار وقف الإذاعات الأهلية يوم29 مايو 1934.
كانت هذه الإذاعات مصدر دخل للمطربين الصغار، منهم فريد الأطرش وأسمهان التي بدأت في إذاعة حبشي جرجس عبر التليفون وكذلك ليلى مراد، بل إن الشيخ محمد رفعت والذي هو أول من افتتح الإذاعة المصرية بصوته يتلو القرآن بادئًا بسورة الفتح، كان يغني في هذه الإذاعات الأهلية وأول ما بدأ الغناء كانت قصيدة "وحقك أنت المُنى" وكذلك أنور وجدي بدأ في راديو حبشي كمونولجست لإعلانات الصابون التي كانت تصرف على المحطة وسعاد زكي وغيرهم كثيرون .
تعددت أسماء الإذاعات الأهلية بمختلف توجهاتها منها راديو فوزية وراديو فاروق وراديو حبشي وراديو فيولا كل هذه المحطات وغيرها صمتت للأبد بعد قانون المواصلات، والذي كانت وراءه شركة ماركوني والتي ظلت متولية أمر الإذاعة من عام 1934 حتى 1947 حتى تم تمصيرها فيما بعد.
اختلفت الحكايا حول نشأة أول إذاعة أهلية، فيعود القول أن "راديو مجازين
اجيبسيان" Magazine égyptien radio -وذلك على حد قول الصحفي "حافظ محمود" (1907-1996)-، أنها أول إذاعة أهلية أنشئت، ويذكر أنها كانت تتبع أول مجلة نسائية أصدرتها السيدة "سيزا نبراوي".
وتأتي رواية أخرى أن "راديو القاهرة" هو أول إذاعة أهلية وقد أنشيء في عام 1923 على يد أحد الشباب المصري مع صديقه الألماني لكن لم تتوفر لهم فرصة وجود أجهزة استقبال في مصر، وحين سنحت الفرصة أنشأ محطته.
يذكر أيضًا الإذاعي القدير (أحمد سالم) وهو أول من قال "هنا القاهرة" في الإذاعة اللاسلكية المصرية، أن أول إذاعة أهلية هي راديو حبشي وذلك في عام 1924 بعدما عاد (حبشي جرجس) من لندن في هذا العام وقد درس هناك الهندسة اللاسلكية، وقد مر حبشي بتجربة أخرى نتج عنها إذاعة سُميت (راديو مصر الملكية) وكانت أن مر بوكالة البلح ذلك المكان الشهير على ساحل كورنيش النيل بوسط القاهرة، ووجد غايته هناك في مخلفات الجيش من أجهزة لاسلكية اشتراها من أحد التجار هناك، فلما علم التاجر نية الشاب وضيق اليد في شراء الأجهزة عرض عليه المشاركة، وتم ذلك وصار التاجر الممول للمشروع، لكن حدثت الاختلافات وأصر التاجر على فض الشراكة على الرغم من مجهود حبشي جرجس المضني في إصلاح الأجهزة وإعادتها للحياة من جديد، فتدخل إسماعيل وهبي المحامي وهو بالمناسبة شقيق الفنان "يوسف وهبي" ودفع للتاجر مبلغ 600 جنيه مصري وكانت ثروة في هذا الوقت. وانتقلت الأجهزة لمنزل شريكه السيد "أحمد الرفاعي" وافتتحا ما يسمى بــ "راديو مصر الملكية" بعدما كان أسسه حبشي وأسماهىطإذاعة القاهرة".
جدير بالذكر أن حبشي جرجس انتهى به المطاف بفتح محل يبيع الراديهات والأجهزة المتعلقة باللاسلكيات. فهو كغيره ممن تضرروا بقانون غلق الإذاعات الأهلية.
يذكر أيضًا من طرائف الإذاعات الأهلية، أن هناك شاب يوناني يدعى "ريني" ارتبط بفتاة إيطالية، وكان يقطن في شارع شامبليون بوسط القاهرة، ولشدة حبه لها أنشأ إذاعة أهلية ليذيع عليها اسطوانات الحب والعشق لفتاته.
وكان في ميدان سليمان باشا مواطن من الجالية الإيطالية يدعى "كاستنيلي" قد قام بتجهيز إذاعة تبدأ من التاسعة مساءً وحتى منتصف الليل تذيع الموسيقى والأغاني العاطفية.
ولم تقتصر الإذاعات الأهلية على القاهرة وحسب بل أنشئت في الإسكندرية بمنطقة باكوس عام 1929 إذاعة "فريدة"، لصاحبها فريد قطري.
تنوعت أهداف الإذاعات الأهلية ما بين تجار يرغبون بنشر منتجاتهم من خلال إذاعة أهلية، ولعل هذا يحدث حتى الآن في بعض محافظات مصر من خلال وصلات الدش التي تسمى شبكة في محيط حي بالكامل ينشر إعلانات للمشتركين عن محلات محيه بهم. أو محب يعشق حبيبته فيذيع لها أغاني عاطفية كل ليلة عبر الآثير، وكذلك إعلامين يغوون نشر الجمال الموسيقي أمثال الراحل حبشي جرجس والذي بسببه هو وإسماعيل وهبي ظهر على الساحة الفنية كوكبة من المبدعين على المستوى السينمائي والغنائي.
وفي وقتنا الحاضر ظهرت من جديد الإذاعات الأهلية التي تعيد نشر الجمال عبر الآثير الإلكتروني التي منحتنا إياه الشبكة العنكبوتية "الإنترنت" مثل

ليست هناك تعليقات:

 
قُطُوُف - Blogger Templates, - by Templates para novo blogger Displayed on lasik Singapore eye clinic.