الجمعة، 16 نوفمبر 2018

عرقي مرقي يا ستو


جدتي العزيزة سعاد، أكتب إليكي وأنت الأجدر بأن أكتب لها...
صباحك طيب يشبهك، يا جدتي سيكون صباح تقف مفردات الكلام عن وصفه. فمثلك لا شبيه ولا يستوعبه كون من فرط الجمال.
كيف حالك وحال صحبتك الطيبة هناك؟ سلامي لهم أجمعين من أرض النشوء إلى دار القرار. 
أتذكرين لحظة تصويري على سيارة جدي، حقيقة لا أذكر منها سوى الصورة التي تحتفظ بها أمي. هل تصدقين أنني لا أعلم من قام بتصويرها ولماذا؟! لا أدري لماذا لم أسأل أو أهتم بمعرفة هذا الأمر واكتفيت بالنظر إليها والابتسام. تعلمين أنني لا أحب السيارات ورحابة الكون تحتضنني في السير رغم اللعنات التي تطلقها قدماي علي من طول مسافات السير. أنا الصديق للطريق كيف لي أن أترك سيارة مسرعة تخطفه مني وتسرقه عنوة. السيارات تلوث البيئة وتقتل الطريق دون رحمة. 
  وأهلها متعبين بشكل لا يطاق...
أذكرك وأتذكر دقات قلبك وقت انتظار عودة خالي من سفره الطويل، ليقضي أجازته السنوية معنا.يقود سيارته الخاصة على طريق بري يربط بين الدول وتصرخ على جنباته الوحدة، وكذلك خالي الصغير حين كان يذهب إلى المدينة لقضاء حوائج المنزل، وقلبك ينتفض ولسانك لا يستطيع اللحاق بدعواتك بسلامة الطريق. 
السيارة تقيد حريتي، وتتحكم بي بشكل لا أطيقه وأنت الأعلم بهذا الأمر تمام العلم. ولكن تشاء الظروف أمورًا لا نستطيع عليها صبرا وكذلك لأني أقدس حريتي التجأت لفعل ما لم أرغب فيه...
الأمس الخميس 15 نوفمبر 2018 استيقظت على مضض وتناولت قطعة جبن وتأهبت للنزول ثم ذهبت إلى مكتب لتعليم القيادة، تعرفين جيدًا أني على دراية بالقيادة ولكني أتجنبها، لكن لا بد من أخذ حصص تدريبية كي أحصل على رخصة القيادة. كان المدرب في انتظاري، أظن أنه من دفعتي في المدرسة وربما يخيب ظني -أتمنى هذا- 
هادئ الطبع وكلامه بسيط، اتفقنا على الأيام وعقدنا ورقة تسجيلية. كانت سيارته من طراز الفيات قديمة وصغيرة الحجم مثل قائدها. يا إلهي ما هذا الوضع السخيف، فأر يعلم الفيل كيفية القيادة في علبة سردين. لا أقصد هنا إهانة يا حبيبتي، تعرفين ذلك جيدًا.غاية ما أقصده أن التشتيت والحرج سيكون سيد الموقف. قبل أي شي أخبرته أنني لا أحب القيادة ولا أحب السيارات والمسألة في التدريب واجب أخلاقي وأسري بحت. قال لي لا توجد مشكلة، والأمور ستسير خير مسار.
بدأت السيارة في التحرك وهو يتحدث عن عملها والمكونات التي سأتعامل معها،وكل ما دار بذهني يا أستاذ أعرف كلما تقول ولكن حائط سميك يقف أمام كل هذا.
بالطبع لو كنت أخبرته باعتراضي الأخلاقي على تلوث البيئة لقال أنني معتوهة رسميًا ويستوجب حجزي بمستشفى الأمراض العقلية. توقف عن القيادة وفصل مفتاح تشغيل السيارة، وطلب مني النزول كي أتخذ مقعد القيادة ونتدرب عمليًا. 
ترجلت عن السيارة بكل شجاعة وتوليت القيادة وويل ما توليت لقد كنت لوح خشب وقدماي لا تشعر بملمس الدواسات، فنعل السليكون يقف حائل بيننا. أخبرته أن حركتي عنيفة فتحسب هذا. قال لا توجد مشكلة نحن نتعلم. الحق أقول لكي لا أشعر أنه صادق في كلامه وكأنه لا يطيقني لكن أحمد أبلغني أن هذا طبعه وطريقة كلامه لا داعي للقلق. قدمي اليسرى بطيئة جدًا في تعاملها مع الدبرياج وكأنها تحسس على طفل رضيع بمنتهى القلق خشية أن توقظه، وعلى البنزين منتهى الغشم، ذراعاي يمسكان بعجلة القيادة وكأنهما قطعتي خشب، لا يشعران بشيء. مش مرتاحة يا ستو :( 
مدرب القيادة يعتقد أنني أريد الحفظ، ما هذه الحماقة؟ كل هذا لأنني سألته أن يعيد على مسمعي ما دور الفرامل، وأن عليه أن يخبرني القدم اليمنى عند كذا واليسرى عند كذا، ولا بد أن أرى بعيني وأسمع جيدًا. هو لا يستوعب أن كل حواسي مدخل لمخي كي يستوعب لا لكي يحفظ والترهات التي يظنها! 
كنت أشك أن نظرة عيني للطريق بها خطب ما، ولكن كنت أقول لنفسي ربما لأنك في المقعد الخلفي فالرؤية تختلف، لكن اليوم وجدت أن الشك يقين يا داهية دقي، لتكن المخاطرة ربما هي محض ظنون. على الجانب الأخر من الطريق كانت ماما واخوتي في السيارة ذاهبين إلى الطبيب، نادموا علي ولم أسمعهم، تخيلت بالفعل بالسيارة ولكني انشغلت في تخطي مطب. 
انتهت الحصة وأنا في حيص بيص، هل صنعت انجاز فعلًا أم أنه لا يطيقني، وماذا إن كنت خجلة كعادتي، لكن مهلًا أين الاحمرار الذي يكسو وجهي بسخونة شديدة. يا خبر لقد اكتشفت اليوم يا جدتي نوع آخر من ردات الخجل، لقد تخشبت وكان عرقي مرقي حتى أن إيصال التعاقد قد باش في جيبي وملابسي بالكامل ابتلت وكأن سيل شق الطريق. 
الأمر سهل جدًا ولكنه سخيف يا حبيبتي، أريد الحركة أريد المشي وصحبة الطريق الطيب...

ختامًا لن أطيل عليكي هي فقط فضفضة كنت أظن أنني سأضحك ساخرة على هذا اليوم ولكن ظني خاب ورجعت محملة بتعب شديد، غايته أتمنى لكِ نهار هادئ وممتع،وسأرسل لك خطاب عن كل حصة تدريب للونس يا حبيبتي...

المخلصة لكِ أبد الدهر...




شبه واحد من الأربعين

يوم عجيب بأحداثه، أو لنقل حدثيه لأنهما أثرا في بشكل جلي! 
لن أتحدث هنا عن أولهما، ولكني سأتكلم عن الحدث الثاني. أرسلت لي أختي الصغرى صورة مرسلة على برنامج الـ whatsapp بعد أن انتهينا من العشاء، لم أكترث للأمر في البداية علها تهنئة أو تلك الصور التي تحكي طرفة أو عبارة شهيرة من أحد الأفلام أي ما تسمى (بالكوميكس). وذهبت لأنهي بعض الإصلاحات في محول إشارة التلفاز...
انتهيت وغب الجميع في نومه فقد كان يومهم شاق. أخذت أتصفح المواقع عبر الهاتف وظل تنبيه أن هناك صورة مرسلة يطالعني أعلى شاشة الهاتف. استيقظت أمي على مكالمة من أختي الوسطى وتبادلا الحديث سويًا وعلى الصوت استيقظت أختي الصغرى، تحدث ثلاثتنا قليلًا، ثم استجيت لتنبيه رسالة الـ Whatsapp. 

قليلًا ما تأتيني ملاحظات من بعضهم حول أنهم رأوني من قبل أو أن هناك من تشبهني وتذكرهم بي!!! آخرها كانت منة (كائن لاسع) في أول لقا لنا سويا بالمتحف المصري، وظلت تردد على مسمعي لقد رأيتك من قبل وكعادتي أرد بابتسامة بلهاء مع تلعثم. وظلت على هذا القول حتى رفعت هاتفها المحمول في وجهي لقد وجدتها."أنت تشبهين الطبيبة الخاصة بقططي الصغيرة" نظرت إلى الصورة على الهاتف وتمعنت في النظر وأبلغتها، بأنني لا أعتقد ذلك. أعتذر منكِ ولكنها لا تشبهني أو علها تشبهني فعلًا ولكن نظرًا لنحافة الطبيبة نظير بدانتي جعلني أضل وجهة العثور على الشبه.
ومن قبل منة أخبرتني صفا عدة مرات من خلال صور فوتوغرافية قديمة، لبعض السيدات في عصور سابقة أنهن يشبهنني. إحدى الصور كانت للأديبة (مي زيادة)، في ذاك اليوم جعلتني صفا أضحك بشدة وأبلغها إيش جاب لجاب!!! ربما لسمنة وجه مي في هذه الصورة جعل صفا تعتقد أنها تشبهني، وصورة أخرى لسيدة في أربعينيات القرن الماضي، وظللت أمزح مع صفا، هي السمنة السبب لا مفر. أو مهلًا أيكن أرواحي المتناسخة من عصور ولت؟! ثم نكمل درب الضحك والتندر... 

وهكذا صارت ردودي بالإنكار أو التلعثم، على من يشبهني بشخص ما رآه. نادرًا ما يطلعوني على صور وكان إخبارهم لي حديث عابر وردودي جمل قصيرة جدًا على غرار "يخلق من الشبه أربعين" مع ابتسامة يشوبها مزج الخجل، والبلاهة، والإنكار! 

الرسالة العالقة تلوح لي أعلى شاشة الهاتف. العجيب أن أختي لم تلمح لي أو تخبرني متسائلة عن أخر ما أرسلت، فقلت حتمًا هي صورة كوميدية. على أي حال سأفرج عنك أيتها الرسالة اطلعيني بمحتواكِ...
صمت يقيم بالغرفة مع إنصات لمشهد على شاشة التلفاز، ولا يقطع صمت المشاهدة سوى صوتي الممتلئئ دهشة "إيه ده، دي أنا!!!" انتبهت الصغيرة إلى صيحتي وضحكت قائلة "تقصدي الصورة؟ صح." في سابقة هي الأولى أن يصدر مني هذا القول حول الشبه مع إحداهن. 
كانت صورة فتاتان صغيرتان، من مظهرهما يبدو أنهن من الريف، وعلى وجهيهما ابتسامة غامرة وحدقة عين تمتلئ بالحظ.  إحداهن تشبهني فعلًا، تحديدًا عيناها، وفمها يذكرني بابتسامتي التي ودعتها في عمر هذه الفتاة الصغيرة. التفت إلى أمي قائلة، أحقًا تشبهني؟ نظرت في تعجب نعم تشبهك خاصة ضحكة العين...
انبهرت بالصورة وسألت أختي من هم ومن أين أتيت بالصورة، أبلغتني بعدم العلم إلا أنني وجدتها أمامي على تحديثات صفحتي ووجدت الصغيرة تطل من الصورة وتقول أنا أختك. العجيب أن صفا لم تلحظ الشبه وأنكرته وهي التي تأتيني من كل حدب وصوب بشبيهات، حتى قامت بتكبير الصورة وأقرت بالشبه. وياسمين ومنى بحديثهما الرقيق ذكروا الملامح وأثبتن الشبه.
على كلٍ صفا ومنى لم يراني في صغري، على عكس أمي وأختي وياسمين يعرفان ملامحي التي لا أعرف ما هي الآن ولم تعد تعرفني.
شغلت فكري الصورة بجميع تفاصيلها، الشبه الذي سحرني والبراءة المنسدلة على وجهي الطفلتين كستار خجل وعذوبة. تعددت الأسئلة في عقلي هل هن بائعتين، أم يحتفلن بالمولد النبوي فبيدهن علب من الصفيح، ربما امتلئت بالحلوى، وربما كانت الصورة غلاف من أغلفة مجلة العربي الكويتي. كعادتي حين تقابلني صورة فوتوغرافية أو لوحة فنية أجهل ملتقطها أو أشك في مصدرها، فأذهب إلى محرك بحث الصور على جوجل. والحقيقة البحث لم يكن مثمر فالصور المعروضة لا علاقة لها بالطفلتين، قلبت الصفحة تلو الأخرى حتى وجدت مبتغاي.

كانت الصورة لمصور هاو من السعودية يدعى (مروان الثقفي)، التقطها في الثالث والعشرين من فبراير لعام 2008. وكانت لفتاتان من قرية كوكبان بدولة اليمن، ويبيعان التذكارات السياحية في محيط الأماكن الأثرية. كانت لحظة اكتشاف المصدر كمكتشفي الكنوز... أتمنى أن تكونا الفتاتان في أمن وأمان وألا يكون أصابهن أي مكروه. 

الصورة 😍



مصدر الصورة ©®Marawan AlThagafy 


الصور الأصلية "ملائكة اليمن"
 





 
قُطُوُف - Blogger Templates, - by Templates para novo blogger Displayed on lasik Singapore eye clinic.