يوم عجيب بأحداثه، أو لنقل حدثيه لأنهما أثرا في بشكل جلي!
لن أتحدث هنا عن أولهما، ولكني سأتكلم عن الحدث الثاني. أرسلت لي أختي الصغرى صورة مرسلة على برنامج الـ whatsapp بعد أن انتهينا من العشاء، لم أكترث للأمر في البداية علها تهنئة أو تلك الصور التي تحكي طرفة أو عبارة شهيرة من أحد الأفلام أي ما تسمى (بالكوميكس). وذهبت لأنهي بعض الإصلاحات في محول إشارة التلفاز...
انتهيت وغب الجميع في نومه فقد كان يومهم شاق. أخذت أتصفح المواقع عبر الهاتف وظل تنبيه أن هناك صورة مرسلة يطالعني أعلى شاشة الهاتف. استيقظت أمي على مكالمة من أختي الوسطى وتبادلا الحديث سويًا وعلى الصوت استيقظت أختي الصغرى، تحدث ثلاثتنا قليلًا، ثم استجيت لتنبيه رسالة الـ Whatsapp.
قليلًا ما تأتيني ملاحظات من بعضهم حول أنهم رأوني من قبل أو أن هناك من تشبهني وتذكرهم بي!!! آخرها كانت منة (كائن لاسع) في أول لقا لنا سويا بالمتحف المصري، وظلت تردد على مسمعي لقد رأيتك من قبل وكعادتي أرد بابتسامة بلهاء مع تلعثم. وظلت على هذا القول حتى رفعت هاتفها المحمول في وجهي لقد وجدتها."أنت تشبهين الطبيبة الخاصة بقططي الصغيرة" نظرت إلى الصورة على الهاتف وتمعنت في النظر وأبلغتها، بأنني لا أعتقد ذلك. أعتذر منكِ ولكنها لا تشبهني أو علها تشبهني فعلًا ولكن نظرًا لنحافة الطبيبة نظير بدانتي جعلني أضل وجهة العثور على الشبه.
ومن قبل منة أخبرتني صفا عدة مرات من خلال صور فوتوغرافية قديمة، لبعض السيدات في عصور سابقة أنهن يشبهنني. إحدى الصور كانت للأديبة (مي زيادة)، في ذاك اليوم جعلتني صفا أضحك بشدة وأبلغها إيش جاب لجاب!!! ربما لسمنة وجه مي في هذه الصورة جعل صفا تعتقد أنها تشبهني، وصورة أخرى لسيدة في أربعينيات القرن الماضي، وظللت أمزح مع صفا، هي السمنة السبب لا مفر. أو مهلًا أيكن أرواحي المتناسخة من عصور ولت؟! ثم نكمل درب الضحك والتندر...
وهكذا صارت ردودي بالإنكار أو التلعثم، على من يشبهني بشخص ما رآه. نادرًا ما يطلعوني على صور وكان إخبارهم لي حديث عابر وردودي جمل قصيرة جدًا على غرار "يخلق من الشبه أربعين" مع ابتسامة يشوبها مزج الخجل، والبلاهة، والإنكار!
الرسالة العالقة تلوح لي أعلى شاشة الهاتف. العجيب أن أختي لم تلمح لي أو تخبرني متسائلة عن أخر ما أرسلت، فقلت حتمًا هي صورة كوميدية. على أي حال سأفرج عنك أيتها الرسالة اطلعيني بمحتواكِ...
صمت يقيم بالغرفة مع إنصات لمشهد على شاشة التلفاز، ولا يقطع صمت المشاهدة سوى صوتي الممتلئئ دهشة "إيه ده، دي أنا!!!" انتبهت الصغيرة إلى صيحتي وضحكت قائلة "تقصدي الصورة؟ صح." في سابقة هي الأولى أن يصدر مني هذا القول حول الشبه مع إحداهن.
كانت صورة فتاتان صغيرتان، من مظهرهما يبدو أنهن من الريف، وعلى وجهيهما ابتسامة غامرة وحدقة عين تمتلئ بالحظ. إحداهن تشبهني فعلًا، تحديدًا عيناها، وفمها يذكرني بابتسامتي التي ودعتها في عمر هذه الفتاة الصغيرة. التفت إلى أمي قائلة، أحقًا تشبهني؟ نظرت في تعجب نعم تشبهك خاصة ضحكة العين...
انبهرت بالصورة وسألت أختي من هم ومن أين أتيت بالصورة، أبلغتني بعدم العلم إلا أنني وجدتها أمامي على تحديثات صفحتي ووجدت الصغيرة تطل من الصورة وتقول أنا أختك. العجيب أن صفا لم تلحظ الشبه وأنكرته وهي التي تأتيني من كل حدب وصوب بشبيهات، حتى قامت بتكبير الصورة وأقرت بالشبه. وياسمين ومنى بحديثهما الرقيق ذكروا الملامح وأثبتن الشبه.
على كلٍ صفا ومنى لم يراني في صغري، على عكس أمي وأختي وياسمين يعرفان ملامحي التي لا أعرف ما هي الآن ولم تعد تعرفني.
شغلت فكري الصورة بجميع تفاصيلها، الشبه الذي سحرني والبراءة المنسدلة على وجهي الطفلتين كستار خجل وعذوبة. تعددت الأسئلة في عقلي هل هن بائعتين، أم يحتفلن بالمولد النبوي فبيدهن علب من الصفيح، ربما امتلئت بالحلوى، وربما كانت الصورة غلاف من أغلفة مجلة العربي الكويتي. كعادتي حين تقابلني صورة فوتوغرافية أو لوحة فنية أجهل ملتقطها أو أشك في مصدرها، فأذهب إلى محرك بحث الصور على جوجل. والحقيقة البحث لم يكن مثمر فالصور المعروضة لا علاقة لها بالطفلتين، قلبت الصفحة تلو الأخرى حتى وجدت مبتغاي.
كانت الصورة لمصور هاو من السعودية يدعى (مروان الثقفي)، التقطها في الثالث والعشرين من فبراير لعام 2008. وكانت لفتاتان من قرية كوكبان بدولة اليمن، ويبيعان التذكارات السياحية في محيط الأماكن الأثرية. كانت لحظة اكتشاف المصدر كمكتشفي الكنوز... أتمنى أن تكونا الفتاتان في أمن وأمان وألا يكون أصابهن أي مكروه.
الصورة 😍
مصدر الصورة ©®Marawan AlThagafy
الصور الأصلية "ملائكة اليمن"