صباح الخير عزيزي السيد"ف"
يومي بالأمس كان مثقل، لا عليك به ولا علي بذكر تفاصيله الآن. يكفي أنه مر بسلام دون فقدان. على الرغم من كونه بدأ بمفاجأة مبهرة، لك أن تتصور فقد نبتت بذور الكتان في حوض الزرع لدي، صدفة رائعة كباق الصدف التي نقطفها من الحياة. لم أكتشف ماهية النبت المتناثر على أرجاء الحوض إلا حينما راجعتماذا وضعت داخل التسميد فكان فضلات أكل عصفوران لدى أختي فنبت الكتان...واختتم اليوم بصدفة أخرى خطفت قلبي.
لقد فرغت
للتو من مشاهدة Patch Adams كاملًا للمرة الأولى في حياتي! لا تتعجب فبعض
الأمنيات تأتي في وقت رغبتها لا رغبتنا، ومع ذلك تأتي ^_^ خاصة وإن كانت هي
نفسك التي تحيا معك منذ خلقت وتجدها متجسدة في سرد قصير كفسيلة ناشئة،
طويل بطول الحياة. نعم نعم أسمعك تردد جملتك مع كل موقف كهذا "الأفلام لا تنتمي لي، بل أنتمي لما رأيته منها" لن أطيل معك في الجدلية، يومًا ما أنت الآخر سترى ما أراه.
سرد التفاصيل كأنما هي صندوق موسيقى مليء بالأحجيات، متجمعة بداخله ولوهلة انفجرت رقصًا من "فرط السعادة،والألم"
مع انسيابية الموسيقى التي انطلقت من داخلي وليست من سماعات التلفاز، ولعل
هذا ما برع فيه Marc Shaiman مؤلف موسيقى الفيلم... لم تعزف الآلات بل
داخلنا نحن من قام بالعزف على الأقل -داخلي- الموسيقى التي نبعت من قلب الطفل الذي يأوينا ونأوى إليه
دون خجل، راقصي صندوق الموسيقى يدوران دائرة متداخلة مكتملة، مع كل دوران
تُخلق دائرة جديدة متداخلة متكاملة، تشبه تداخلات "ماندلبرو" تتوغل داخلها فتنتقل بك لنقطة شبيهة فتشعر برحابة رغم تقييد الراقصان بنابض داخل الصندوق.
المشاهد
وانفعالاتها وتفاعل "باتش" مع الحياة جعلتني حقيقة أضحك، وكان للضحكة صوت
ودمع بلل وجهي. كانت ضحكة طفولية ظبط نفس أضحكها كما الأيام الخوالي، هناك
أمر ما يخصني بهذا الفيلم لابد وأنه ذلك، ربما مشهد أو جملة عابرة أو أنها
حالة مستترة من ماض بعيد. هي بالفعل كذلك لقد سرق الفيلم مشاهد من حياتي لم
تكتمل كما اكتمالها بالفيلم لكن أصلها حي ينبض على الرغم من كونه ماض،
فأنت تعرفني أحيا بالماضي وأجعله متداخل مع الحاضر والمستقبل ولربما الماضي
هو ما يحياني ولا سلطة لي عليه. كون باتش يقرر أن دوره هو مساعدة الناس
بما هو عليه وعلى ما ينبع من قناعاته الخاصة حتى وإن صارع رياح شتوية تقتلع
الحلم من منبته، خلقه للحياة التي حلم بها الناس، كتلك العجوز التي لازمها
حلم الطفولة في أن تسبح في مسبح من المكرونة العصوية، أو هؤلاء الأطفال
ولعبه معهم متنكرًا بقطعة مطاط لإبر الحقن وتذكروا أنهم أطفال بعدما تسلل
المرض لمن حولهم فألبسوهم ثوب العجز ونسوا أنهم أطفال رغم المرض عليهم أن
يكونوا هكذا، كنت أنا هؤلاء الأطفال الذي انتظروا نافذة تصلهم بعالمهم
الخطمي يتقافزون في نعيم من مذاق السكر.
باتش تحدى كل القيود العقيمة
ومارس لعبته التي أتى اختارها لنفسه أو أنها هي من اختارته كي يرتدي
جناحين ويلعب أغنية ترادفية حول الموت مع القاطن بالغرفة 305 ببساطة حدد
اختياره الموت ربما دعابة، قدر، أو نقلة سمه ما شئت لكن ماذا عن الحياة
كلنا سنرحل وننتقل حسب قناعتنا كما حدث لـ"كارن" ظلت تغبط الفراش الطليق،
ذاكرة أنه مهما كان شكله قبل التحول ومن أي بيئة كان بقيت الحقيقة مجردة
أنه حر طليق ويحوي ألوان مبهرة...
حينما كنت طفلة كانت المشاهد
الدرامية الصادقة لا تنفك تظهر حتى تقوم الغدد الدمعية بدورها وتذرف ما
تشاء من مخزون ^_^ هذا ما حدث مع فارق أزمة الاختناق التي أصابتني، لا
علينا منها الآن، بل أنك حينما تغوص في أعماق حلمك ويقينك تجد حجر يعصف بمن
حاولت أن تكون معه وزعزع استمرارك في رسالتك،تقلبات من المرارة تسير أمامك في مشهد مستتر داخل قبلة من السعادة مارسها Robin Williams أو باتش أو أنا أو أيًا كان الشخص الموجود على هذي الأرض وجد محور حياته مساعدة الآخرين برؤيته هو التي أمن بأنها ملاذ يستظل به أصحاب العوز.
أراك تفند السرد كعادتك حول الطفلة الطيبة التي تنعتها دومًا بأنها حوت طيب رغم غموضه اللعين...
تناول قهوتك سريعًا فميعاد عملك قد اقترب، عفوًا لماذا سريعًا؟!!! تناول قهوتك على مهل وتناول حياتك كما تقرر أنت أيها العنيد المتأنق ^_^
يومك سعيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق