صدى الصوت لا يجيب ولكن يساعد على النجاة، وكذلك الانفعال. أيًا كان نوع الانفعال؛ حزن، أو فرح، أو غضب، أو طمأنينة وسلام نفسي. هنا لن أناقش قاعدة فيزيائية ولكن الحديث عن بُعد إنساني شعوري، يكمن بداخل النفس.
علاقة الإنسان بغيره، وردود الأفعال وهي تصنع وجود. حتى وإن كانت ردود قاسية؛ تصدم مُحطِمةً للفؤاد. لكنها تظل ردة فعل تجيب عن السؤال المطروح بكافة الصياغات وعلامات الاستفهام، لماذا؟ كيف حدث ذلك؟ متى بدأ الأمر؟ هل كان من الضروري؟ إلا أن لماذا وما يرادفها في العامية "ليه" هي سيدة الموقف، تضج جنبات المرء، وتزيد روحه ألمًا. أو كما يتسائل عبد الوهاب في حيرة "كل ده كان ليه؟".
وجود ردة فعل تؤكد على أن المرء على قيد الحياة، يصدر صوت فيتلقى الإجابة.
صدى الصوت أكثر رحمة من الارتداد، فنطاق الارتداد ضيق ومحبط كمن يتكلم ويرد على نفسه بنفسه، لا وجود لآخرين في نطاقه. إلا أن الصدى غير ذلك، ينبئ عن حيز آخر يتلقى الصوت فيرده من جديد على شكل ترددات تعيد تشكيل شعور المرء أو تؤكد وجهة نظر لديه.
حين يحدث ما لا يحدث وتصبح النفس فارغة بثقل، تُخلق الفجوة التي لا ترسل أي إشارة. لنشرح الأمر بشكل أوضح؛ الذي يحدث هو التساؤل لماذا افترقنا؟ أو لما الجفاء بغير سبب؟، فيتشكل بوعي الإنسان تساؤلات تنتظر الإجابة التي لا تأتي ولا تفسر فتهرم النفس على مقعدها القابع في ردهة ما بين القلب والعقل، تبقى حتى تشيب ولا يأتي الرد، حينها تُخلق فجوة عميقة وفراغ هائل في القلب، صدى تساؤل سابح في فلك لا علم لنا به، فقاعة من اللاشيء اللامحسوس. مصدات غير متواجدة كي تستقبل السؤال فترسله ترددات وقتها يزداد شعور الغربة والوحدة، فهذا ما لا يحدث.
الانتظار شاق، والسؤال أشد شقاء. أشبه بأمواج قاسية تلاطم سفينة تائهة في محيط لا نهاية لاتساعه، كلما زادت الرياح زاد الموج قسوة وحدة على جسد السفينة المتآكل. لا بأس من الجواب المراوغ، أو ذلك الجواب الصادق الذي لا حول له ولا قوة لكنه الحقيقة، أو جواب اللاعلم هكذا حدث دون أن أعرف أنه يحدث فالتزمت الصمت. أنواع شتى لللأجوبة تخلف ردات فعل كما تكون، حزن أو فرح، كره أو حب، إلى غيرها من انفعالات لكن يبقى الأكيد أن الصدى وجد الترددات التي أخبرته أن بالاتجاه الآخر رد وأن هذا الفراغ صار له ملء وجواب...
2/4/2020
اللوحة: Emptiness by Albert Gyorgy
2/4/2020
اللوحة: Emptiness by Albert Gyorgy
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق