في الصور الملحقة أدناه، صور لقناطر أسيوط أثناء عملية التقوية فيما بين عامي 1934و1937 أي بعد الشروع في الإنشاء بحوالي 38سنة.
لولا سد أسوان ما كان لقناطر أسيوط وجود...
أنشئت قناطر أسيوط في عام 1899م، وهو العام نفسه الذي وضع فيه حجر الأساس لأكبر السدود المائية بالعالم آنذاك، ألا وهو سد أسوان، في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني بن الخديوي توفيق وآخر من حكم مصر تحت لقب خديوي، وقد أقيم مشروع قناطر أسيوط في عهد وزارة مصطفى فهمي باشا ( كانت وزارته الثانية)، وتحت إشراف وزير نظارة الأشغال العمومية محمد زكي باشا، ويعتبر عصر الخديوي عباس حلمي الثاني عصر ترويض نهر النيل.
شرعت الحكومة المصرية في بدء تنفيذ إقامة قناطر أسيوط في 2 يناير سنة 1899م. مقابلة لإنشاء خزان أسوان، وذلك لرفع منسوب المياه أمام ترعة الإبراهيمية كي تنتفع بذلك أراضي مديريات أسيوط والمنيا وبني سويف وأيضا مديرية الفيوم. هذا بخلاف النفع الذي حل على أراضي الوجه البحري خاصة في موسم الري الصيفي. نفذ العمل على ثلاث مراحل أو ما يسمى بثلاثة مواسم عمل، كان الموسم الأول عبارة عن تصميم السدود الترابية وذلك في شهر ديسمبر سنة 1899م بالجهة الغربية من المجرى المائي، وتم الانتهاء بعمل السدود في فبراير سنة 1900م. وقد أحيطت السدود بستائر حديدية على عمق 4متر وأقيمت مباني وخرسانات كفرش للقناطر.
جدير بالذكر أنه بلغ مقدار تكلفة السدود والخراسانات في هذا الموسم مبلغ 331809جنيهًا، وقد أوكلت أعمال البناء للسير جون إيرد، وهو أحد المهندسين البارزين الذي شارك كذلك في إقامة خزان أسوان مع المهندس الشهير ويليام ويلكوكس والمهندس بنيامين بيكر.
استعمل في بداية إنشاء القناطر طوب أحمر تم ضربه في موقع الإنشاء والذي لم يجدي نفعًا وسرعان ما تم استبداله بالأحجار، والتي جلبت من محاجر العيساوية أشهر محاجر مصر والتي تقع في شرق محافظة سوهاج. واستخدم معها الأسمنت والجير والحُمرة، وقد استكملت أعمال البناء وانتقلت لمرحلة بناء الهويس والدعامات بعد إنشاء السدود الترابية بالجهة الشرقية، في موسم العمل الثاني، وقد خدمت الطبيعة هذه الأعمال وقتها ففي عام 1900م انخفض منسوب مياه نهر النيل، مما ساهم في استكمال أعمال البناء وسرعة الانتهاء منها، واستعان المقاولون بأكبر عدد من العمال مرة واحدة وقد بلغ عددهم 12880 عامل، منهم 12500 مصريًا، و380 من الأجانب.
وشملت تكلفة هذه المرحلة 237361جنيهًا وقد تم انجاز 75% من قوام القناطر بأسيوط...
جاء الموسم الثالث وكانت أعمال المقاولة فيه تحت إشراف المهندس ج. ستيفنس، والذي بدأ العمل في 28 يناير سنة 1901م بتكملة السدود والتي بلغت مساحتها 13 فدان، وقام بنزح المياه منها في مايو من نفس العام وقام بحقن أساسات القناطر بالأسمنت اللباني نظرًا لظهور العديد من عيون المياه. انتهت أعمال إنشاء قناطر أسيوط في فبراير سنة 1902م. لتشمل قناطر بها 111 فتحة سعة كل فتحة 5م وسمك الدعامة بين كل فتحة والأخرى 2م، وهويس بجوار القناطر طوله بين البوابتين 80م وسعة الفتحة الملاحية 16م، وبلغ طول القناطر 821م.
من جديد تخدم الطبيعة قناطر أسيوط فبعد اكتمال البناء آن موسم قطف ثمار هذا البناء، فسجل عام 1902م فيضان من أوطى الفيضانات في هذا العهد، فما كان لقناطر أسيوط إلا أن تعمل على أكمل وجه لتصل المياه اللازمة للزراعات الصيفية والتي جنت البلاد من ورائها ما لا يقل عن 600000جنيه، وهي نسبة كبيرة مما أنفق على قناطر أسيوط، ولهذا تعد السنة الأولى من تشغيل قناطر أسيوط حققت مكسب عظيم للبلاد...
عام 1933م أي في عهد الملك فؤاد الأول ملك مصر وسيد النوبة وكردفان ودارفور، تقرر إنشاء قناطر جديدة بالقرب من موقع قناطر أسيوط، وذلك لإعطاء كافة أراضي مصر الوسطى نصيبها من مياه التخزين خاصة بعد أعمال التعلية في خزان أسوان وكذلك إقامة خزان جبل الأولياء في السودان، فشرعت وزارة الأشغال العمومية في دراسة المشروع، حتى فطن إليهم أن يقوموا بأعمال تقوية وتدعيم لقناطر أسيوط نفسها أفضل من إنشاء غيرها، وقد كان في أكتوبر سنة 1934م صدر الأمر لشركة جون كوكرين للبدء في العمل لتقوية القناطر والتي انتهت وتمت في مارس سنة 1938م تحت إشراف مجموعة من المهندسين المصريين تحت رئاسة المهندس حامد سليمان.
والأعمال شملت استبدال بعض البوابات الحديدية بأخرى وكذلك تزويد القناطر بحجارة من الجرانيت وتوسعة الهويس ودق خوازيق لتفادي نحر المياه، وردم المستنقعات وإنشاء متنزهات بدلا منها.
من الطريف أن أعمال تقوية قناطر أسيوط عاصرت خمس وزارات، بداية من وزارة عبد الفتاح يحيى باشا، مرورًا بوزارات محمد توفيق نسيم باشا، وعلي ماهر باشا، ومحمد محمود باشا ومصطفى النحاس باشا. واعتمدت وزارة الأشغال تكلفة للتوقية بلغت مليون و77ألف جنيهًا، شملت أعمال الهدم والبناء وأعمال الحدائق المحيطة بالقناطر، حتى بلغت التكلفة في النهاية مليون و250 ألف جنيها.
قناطر أسيوط وقتها كانت تبلغ من العمر ما لا يقل عن 35عام أي أنها لم تبلغ مبلغ الآثر الذي يجب المحافظة عليه، فقد كانت منشأة حديثة نسبيًا، على عكس ما يحدث الآن في عام 2017 فهي تعتبر منشأ أثري يجري عليه ما يجرى للمباني الآثرية، ولا يجوز التعديل عليه وإن استلزم الأمر فيتم التعامل معه بما يناسب طبيعة الأثر...
مادة علمية:
السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية، ج3، عبد الله حسين.
مياه النيل (القدر والبشر)، أحمد السيد النجار.
المجلة الفنية، وزارة الأشغال العمومية، ع5، يوليه 1985.
مادة علمية:
السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية، ج3، عبد الله حسين.
مياه النيل (القدر والبشر)، أحمد السيد النجار.
المجلة الفنية، وزارة الأشغال العمومية، ع5، يوليه 1985.
هناك تعليق واحد:
جيد
إرسال تعليق