كتبت:- منى الأقطش
إنه في يوم الأحد الموافق السادس عشر من مارس لعام 1919 ميلاديًا خرجت المرأة المصرية في شوارع مصر تهتف، وتندد بالاحتلال ونفي سعد زغلول ورفاقه، جنبًا إلى جنب مع الرجل. وبداية ظهور النهضة النسوية وانفتاح المرأة من كافة الطبقات على درب التعليم والعلم. وكان عددهن 300 ويزيد رافعات خطاب إلى المعتمد البريطاني ينددن باعتقال رجال مصر وقتل وترهيب رجالها وأبناؤها بسبب مطامع الاحتلال البريطاني، وما نتج عنه في مصر، ورغبة في الاستقلال كما نص عليه خطاب ويلسون (الرئيس الأمريكي) من حق تقرير المصير.
حيث أنه في يوم 8 مارس لعام 1919 ميلاديًا قد تم اعتقال كُلًا من
[سعد زغلول باشا، حمد الباسل باشا، محمد محمود باشا، إسماعيل صدقي باشا] وتم نفيهم إلى جزيرة مالطا.
بعدما قاموا بتشكيل وفد في عام 1918 ميلاديًا، رغبة منهم في استقلال مصر ورفع لواءها المستقل بعيدًا عن المحتل الإنجليزى بعد أحداث الحرب العالمية الأولى. إلا أن المحتل قد رفض ذلك معللًا أن هذه الشخصيات لا تمثل الشعب المصري. فما كان من الرفاق سوى جمع أكبر قدر من التوكيلات المصرية موقعة من جموع الشعب المصري حتى يثبت "الوفد المصري" أنهم يمثلون بالفعل شعب مصر. وقد تألف الوفد في 13 نوفمبر لعام 1918 من الشخصيات التالية
:- [سعد باشا زغلول، علي شعراوي باشا، عبدالعزيز بك فهمي، محمد محمود باشا، أحمد لطفي السيد بك، عبد اللطيف المكباتي، محمد علي علوبة] إلى أن تم القبض عليهم ونفيهم فخرج الشعب...
وكانت ثورة ذات تسلسل بداية من وقت الاعتقال؛ ففي يوم 9 مارس طاف طلاب الجامعة المصرية والمدارس ربوع مصر في تظاهرات قوية، تلاها يوم 11 مارس قيام عمال الترام وبعض المصانع بالإضراب والتظاهر ضد ما حدث ومطالبة أيضًا بحقوقهم، ثم عمال السكك الحديد والذين أضربوا وقطعوا خطوط السكك الحديد ليس وحدهم فحسب بل ممتد حتى فلاحي مصر والذين أجهزوا على القطارات المحملة بجنود الاحتلال وإضرابهم هم أيضًا. وفي 14 مارس إضراب المحامين والمحامين الشرعيين من بعدهم، 15 مارس إضراب عمال العنابر ولا يفوتنا هنا أن نذكر أن إضراب شعب مصر بدأ منذ اليوم الحادي عشر من مارس لعام 1919 حتى يوم الخامس والعشرين من إبريل لنفس العام فكان إضراب الشعب وخروج المرأة المصرية بدءً من يوم السادس عشر أسبابًا أخضعت المحتل للرضوخ لشعب مصر...
وكان هذا هو أول خروج علني للمرأة المصرية في بدايات التاريخ المعاصر أو ما يسمى بالحقبة الليبرالية بمصر...
خرجن جميعًا على رأسهن شخصيات مصرية من مختلف العقائد والتوجهات الفكرية والدينية كالسيدة صفية زغلول كريمة مصطفى باشا فهمي وزوجة سعد باشا زغلول، ومعها السيدة هدى شعراوي كريمة (محمد سلطان باشا رئيس أول مجلس نواب) وزوجة علي شعراوي، والشابة إستر فانوس والتي عُرفت بــ إستر فهمي ويصا نسبة إلى زوجها فهمي ويصا، ويعرف أنها قد كتبت رسالة إلى رئيس الولايات المتحدة (ويلسون) منددة بما حدث وأنه وإن كان الاحتلال قد اعتقل أربعة مصريين فمصر على استعداد لإرسال الملايين من أجل تحريرهم، وحرم حسين باشا رشدي، حرم محمود رياض باشا، حرم إسماعيل سري باشا، حرم الدكتور نجيب إسكندر، كريمة الشيخ الأنصاري، الآنسة جولييت صليب، حرم حسين راغب بك، حرم صليب بك منقريوس، كريمة مصطفى الباجوري وغيرهن الكثيرات من نساء مصر الحرائر من جموع طبقات الشعب...
وقد قال فيهن (شاعر النيل) حافظ إبراهيم :-
وقد وصف (الرافعي) مشهد المتظاهرات قائلًا:
« سارت السيدات في صفين منتظمين، وجميعهن يحملن أعلامًا صغيرة وطفن الشوارع الرئيسية في موكب كبير، ومر المتظاهرات بدورالقنصليات ومعتمدي الدول الأجنبية لتقديم الاحتجاج المكتوب ولكن الجنود لم يدعوا هذا الموكب البريء أن يمر، وحينما وصلت المتظاهرات إلى شارع سعد زغلول يردن الوصول إلى "بيت الأمة" ضربوا نطاقًا حولهن ومنعوهن من السير، وسددوا حرابهم إلى صدورهن، وبقين هكذا مدة ساعتين تحت وهج الشمس الحارقة، بل تقدمت هدى شعراوي وهي تحمل العلم المصري إلى جندي، وقالت له بالإنجليزية:- «نحن لا نهاب الموت، أطلق بندقيتك إلى صدرى لتجعلني مس كافل أخرى (كافل ممرضة انجليزية تم قتلها برصاص الألمان إبان الحرب العالمية الأولى، وكان لمقتلها وقع جلي وصادم على العالم أجمع)» فخجل الجندي، وتنحى للسيدات عن الطريق وجعلهن يعبرن..".
ولنا أن نذكر أنه في هذه الأثناء رفض الشيخ محمد حامد الفقي وهو مؤسس أنصار السنة ويعد الأب الروحي للتيار السلفي بمصر إذ أنه قد رفض رفضًا تامًا المشاركة في أحداث ثورة 1919 ليس لجوهرها بل لمظهرها معتقدًا منه أن خروج الاحتلال ليس بالتظاهر، وخروج النساء للتظاهر وإعلاء شعار "الدين لله والوطن للجميع" يصب في الخروج عن فقه أهل السنة والجماعة، ورغم هذا خرجت نساء مصر وإستشهدن ليس لفرد بل لجماعة ووحدة هي (مصر) بجميع أهلها ومن إنتسب إلى أرضها روحًا قبل نشوء الجسد. الأمر لا يعد شعارات نطرحها ونرببها كما الببغاوات بل هو أكثر امتدادًا وعمقًا من كونه قول، إذ أن المرأة في مصر هي لُب المجتمع وكيانه القوي والذي لولاه لا ينتصب قامة لمصري قط ... فإن قاومن قاموا وإن هن رضخن انحنت الجباه...
إنه في يوم الأحد الموافق السادس عشر من مارس لعام 1919 ميلاديًا خرجت المرأة المصرية في شوارع مصر تهتف، وتندد بالاحتلال ونفي سعد زغلول ورفاقه، جنبًا إلى جنب مع الرجل. وبداية ظهور النهضة النسوية وانفتاح المرأة من كافة الطبقات على درب التعليم والعلم. وكان عددهن 300 ويزيد رافعات خطاب إلى المعتمد البريطاني ينددن باعتقال رجال مصر وقتل وترهيب رجالها وأبناؤها بسبب مطامع الاحتلال البريطاني، وما نتج عنه في مصر، ورغبة في الاستقلال كما نص عليه خطاب ويلسون (الرئيس الأمريكي) من حق تقرير المصير.
حيث أنه في يوم 8 مارس لعام 1919 ميلاديًا قد تم اعتقال كُلًا من
[سعد زغلول باشا، حمد الباسل باشا، محمد محمود باشا، إسماعيل صدقي باشا] وتم نفيهم إلى جزيرة مالطا.
بعدما قاموا بتشكيل وفد في عام 1918 ميلاديًا، رغبة منهم في استقلال مصر ورفع لواءها المستقل بعيدًا عن المحتل الإنجليزى بعد أحداث الحرب العالمية الأولى. إلا أن المحتل قد رفض ذلك معللًا أن هذه الشخصيات لا تمثل الشعب المصري. فما كان من الرفاق سوى جمع أكبر قدر من التوكيلات المصرية موقعة من جموع الشعب المصري حتى يثبت "الوفد المصري" أنهم يمثلون بالفعل شعب مصر. وقد تألف الوفد في 13 نوفمبر لعام 1918 من الشخصيات التالية
:- [سعد باشا زغلول، علي شعراوي باشا، عبدالعزيز بك فهمي، محمد محمود باشا، أحمد لطفي السيد بك، عبد اللطيف المكباتي، محمد علي علوبة] إلى أن تم القبض عليهم ونفيهم فخرج الشعب...
وكانت ثورة ذات تسلسل بداية من وقت الاعتقال؛ ففي يوم 9 مارس طاف طلاب الجامعة المصرية والمدارس ربوع مصر في تظاهرات قوية، تلاها يوم 11 مارس قيام عمال الترام وبعض المصانع بالإضراب والتظاهر ضد ما حدث ومطالبة أيضًا بحقوقهم، ثم عمال السكك الحديد والذين أضربوا وقطعوا خطوط السكك الحديد ليس وحدهم فحسب بل ممتد حتى فلاحي مصر والذين أجهزوا على القطارات المحملة بجنود الاحتلال وإضرابهم هم أيضًا. وفي 14 مارس إضراب المحامين والمحامين الشرعيين من بعدهم، 15 مارس إضراب عمال العنابر ولا يفوتنا هنا أن نذكر أن إضراب شعب مصر بدأ منذ اليوم الحادي عشر من مارس لعام 1919 حتى يوم الخامس والعشرين من إبريل لنفس العام فكان إضراب الشعب وخروج المرأة المصرية بدءً من يوم السادس عشر أسبابًا أخضعت المحتل للرضوخ لشعب مصر...
وكان هذا هو أول خروج علني للمرأة المصرية في بدايات التاريخ المعاصر أو ما يسمى بالحقبة الليبرالية بمصر...
خرجن جميعًا على رأسهن شخصيات مصرية من مختلف العقائد والتوجهات الفكرية والدينية كالسيدة صفية زغلول كريمة مصطفى باشا فهمي وزوجة سعد باشا زغلول، ومعها السيدة هدى شعراوي كريمة (محمد سلطان باشا رئيس أول مجلس نواب) وزوجة علي شعراوي، والشابة إستر فانوس والتي عُرفت بــ إستر فهمي ويصا نسبة إلى زوجها فهمي ويصا، ويعرف أنها قد كتبت رسالة إلى رئيس الولايات المتحدة (ويلسون) منددة بما حدث وأنه وإن كان الاحتلال قد اعتقل أربعة مصريين فمصر على استعداد لإرسال الملايين من أجل تحريرهم، وحرم حسين باشا رشدي، حرم محمود رياض باشا، حرم إسماعيل سري باشا، حرم الدكتور نجيب إسكندر، كريمة الشيخ الأنصاري، الآنسة جولييت صليب، حرم حسين راغب بك، حرم صليب بك منقريوس، كريمة مصطفى الباجوري وغيرهن الكثيرات من نساء مصر الحرائر من جموع طبقات الشعب...
وقد قال فيهن (شاعر النيل) حافظ إبراهيم :-
خَرَجَ الغواني يحتججـن ورحت أرقب جمعهن
فإذا بهن اتخذن من سود الثياب شعارهن
وأخذن يجتزن الطريقَ، ودار سعد قصدهن
يمشين في كنف الوقار وقد أبَنَّ شعورهن
وإذا بجيش مقبل والخيلُ مطلقة الأعنة
وإذا الجنود سيوفُها قد صُوّبتْ لنحورهن
فإذا بهن اتخذن من سود الثياب شعارهن
وأخذن يجتزن الطريقَ، ودار سعد قصدهن
يمشين في كنف الوقار وقد أبَنَّ شعورهن
وإذا بجيش مقبل والخيلُ مطلقة الأعنة
وإذا الجنود سيوفُها قد صُوّبتْ لنحورهن
وإذا المدافع والبنادقُ والصوارمُ والأسنة
والخيلُ والفرسانُ قـد ضَرَبَت نطاقًا حولهن
والوردُ والريحانُ في ذاك النهار سلاحهن
فتطاحن الجيشانِ ساعاتٍ تشيب لها الأجنة
والخيلُ والفرسانُ قـد ضَرَبَت نطاقًا حولهن
والوردُ والريحانُ في ذاك النهار سلاحهن
فتطاحن الجيشانِ ساعاتٍ تشيب لها الأجنة
فتضعضع النسوانُ والـ نسوانُ ليس لهن مُنه
ثم انهزمن مشتتاتِ الشملِ نحو قصورهن
ثم انهزمن مشتتاتِ الشملِ نحو قصورهن
فليهنأ الجيش الفخور بنصره وبكسرهن
فكأنما الألمان قد لبسوا البراقع بينهن
وآتوا بهندبرج مختفيًا بمصر يقودهن
فلذاك خافوا بآسهن وأشفقوا من كيدهن
وسقطت نساء مصريات شهيدات في أحداث ثورة 1919، على رأسهن ابنة حي الخليفة [شفيقة محمد] ابنة الثامنة عشر والتي ألهبت نيران الثورة في هذا الحي الذي لم تهدأ به وأخذوا يلقنون جنود الاحتلال العذابات وقد كانت شفيقة أولى المحرضات ضدهم، ومعها أيضًا {حميدة خليل} وقد وصف (الرافعي) مشهد المتظاهرات قائلًا:
« سارت السيدات في صفين منتظمين، وجميعهن يحملن أعلامًا صغيرة وطفن الشوارع الرئيسية في موكب كبير، ومر المتظاهرات بدورالقنصليات ومعتمدي الدول الأجنبية لتقديم الاحتجاج المكتوب ولكن الجنود لم يدعوا هذا الموكب البريء أن يمر، وحينما وصلت المتظاهرات إلى شارع سعد زغلول يردن الوصول إلى "بيت الأمة" ضربوا نطاقًا حولهن ومنعوهن من السير، وسددوا حرابهم إلى صدورهن، وبقين هكذا مدة ساعتين تحت وهج الشمس الحارقة، بل تقدمت هدى شعراوي وهي تحمل العلم المصري إلى جندي، وقالت له بالإنجليزية:- «نحن لا نهاب الموت، أطلق بندقيتك إلى صدرى لتجعلني مس كافل أخرى (كافل ممرضة انجليزية تم قتلها برصاص الألمان إبان الحرب العالمية الأولى، وكان لمقتلها وقع جلي وصادم على العالم أجمع)» فخجل الجندي، وتنحى للسيدات عن الطريق وجعلهن يعبرن..".
ولنا أن نذكر أنه في هذه الأثناء رفض الشيخ محمد حامد الفقي وهو مؤسس أنصار السنة ويعد الأب الروحي للتيار السلفي بمصر إذ أنه قد رفض رفضًا تامًا المشاركة في أحداث ثورة 1919 ليس لجوهرها بل لمظهرها معتقدًا منه أن خروج الاحتلال ليس بالتظاهر، وخروج النساء للتظاهر وإعلاء شعار "الدين لله والوطن للجميع" يصب في الخروج عن فقه أهل السنة والجماعة، ورغم هذا خرجت نساء مصر وإستشهدن ليس لفرد بل لجماعة ووحدة هي (مصر) بجميع أهلها ومن إنتسب إلى أرضها روحًا قبل نشوء الجسد. الأمر لا يعد شعارات نطرحها ونرببها كما الببغاوات بل هو أكثر امتدادًا وعمقًا من كونه قول، إذ أن المرأة في مصر هي لُب المجتمع وكيانه القوي والذي لولاه لا ينتصب قامة لمصري قط ... فإن قاومن قاموا وإن هن رضخن انحنت الجباه...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق