٢٠ سنة...
لا الواحد مستوعب ولا فاهم ايش يكون العمر والرقم ده كله!
بالأمس حلمت بها، كانت تبتسم لي كعادتها وتلوح لي بكفها الرقيق الحاني. ظهرت جدتي بهيئتها لا شبهة فيها، جلبابها الأبيض ووجها الذي خلقت الطيبة والحسن لأجله ❤
بقدر امتداد الرؤى
يسطع الحلم
فاذهب بعيدا بعيدا
وحلق مديدا مديدا
فلا قيد يوقف
لا حد يحصر
أنت الزمان
وفيك المكان
وأنت المشيئة
منك الإرادة
يا قبسة من ضياء الإله
تجلت
فكانت دليلي
وقادت خطاي.
عبد المنعم يوسف عواد
كم زهرة سوف تصفر من بعد
كم شمعة سوف تغرق في الحزن
يا أورشليم
وكم مرة تطلع الشمس
ناسية ربما
فالتماثيل ميتة، والتوابيت فاقدة الذاكرة
والخيانة فرعون. لا شعبي المتحدي هناك
ولا ذلك البطل المتدثر بالصمت
في ظلمة القاهرة..
محمد الفيتوري.
سبت النور وتكحيل العيون.
تجلس الجدة، وبعض النسوة يغترفن الكحل من صحن الهون النحاس. منهن الأقارب ومنهن الجيرة والأحباب. أتين باكرا إلى الدار، مع بزوغ الشمس. إحداهن قامت لتحضر الهون النحاس من غرفة الخزين. والأخرى ناولتها الجدة صرة ملفوفة على ما بها. الأطفال تكشف السر وتهرول نحو الفرار. رائحة معدنية هبت مع فتح الصرة وكشف ما بها. جميعهن يبتسمن ابتسامات لئيمة، مختبئة بين الوجنتين. بريق العين يفضحهن، لكن الأطفال في سذاجة مفرطة، يقفون على العتب. ظنوا أن أقدامهم الواقفة على الحافة ستنقذهم. في الصرة حجر أسود تشوبه لمعة زجاجية، ناولتهن الجدة صرة أخرى صغيرة، قامت السيدة القوية بوضع الحجر وما بالصرة الصغيرة داخل الهون الثقيل. كان الهون لا يخرج إلا في حالتين؛ سبوع مولود، وسبت النور. فزعة في قلب الأطفال مع أول دقة هون، وضحكات عالية على وجوه الجالسات. يصحن الحجر جيدا وتصبح الخلطة جاهزة وبجوار الهون بصلة! هل ستطبخ الجدة شيئا بهذا المسحوق الأسود؟ أهو فلفل أسود، وإن كان هو لماذا لم تضعه في وعاء الطحن الكهربائي، ولماذا يجلسن النساء حول الهون وكأنهن يتحضرن لجلسة سحر؟!!! صوت صراخ وهرولة وكر وفر قطع حبل التساؤلات، النسوة يركضن خلف أطفالهن ووجوههن تعلوها الضحكات. تمسك إحداهن طفلها يصرخ ويضحك في آن واحد. الجدة تربت على كتفيه وتحتضنه واضعة إياه في حجرها، وتمسك بريشة ناعمة تغرسها في المسحوق الأسود وتسحبها بين رمشي العين. يصرخ الطفل من شدة الألم، فيمسكن بأخرى وتضعها الأم بين قدميها ويفلعن معها مثلما فعلن مع الطفل السابق. أنجزت المهمة وسط ترحيب من الجميع، وتحول صراخ الأطفال إلى ضحك ولهو رغم الألم. تقول إحداهن بنبرة كمن أزيح جبلا عن صدره، الآن أصبحت أعينهم بصيرة، الآن لن يمسهم ضر طول العام. تكحلت النساء كما تكحل الأطفال، ورغم ألم المسحوق وحرقته، ينساب الأمان في قلوب الأطفال ويخفت صوت بكاءهم. فالأمهات وضعن نفس المسحوق دون بكاء، فلنطمئن...
حد ينده للي مشيوا وراحوا
حد ينده للعمر اللي فات
فات نهار والليل أجل رواحه
والكلام في القلب بيهده السكات
حد ينده للغصون الخضر
قبل أما تدبل زهرة التفاح
راحوا فين وفين ربيع العمر
وامتى يا أدي الليل تلقى الصباح...
٢١ إبريل ٢٠٢١
السباط